
بقلم : محمد حسيكي
عرف الانسان الصورة التي أخذت باهتمامه أولا من الطبيعة، من الوجهة الفضائية، كالإطلالة الشخص على بركة مائية، ومنها الظليلة لذات الشيء من مدار الظل أمام الضوء، وهو ما جعل الصورة الفوتوغرافية حين ظهورها تستمد شكلها الكرتوني، قمرية من شكل الظل المائي، وضوئية من شكل الظل الشمسي .
ومن ذات الوجهة ننطلق من الحديث عن الصورة، من واقع تربوي عشنا عليه من الكتاب الاسلامي الذي يتعلم فيه الانسان القراءة والكتابة، لنقول من الوجهة العلمية، أن الكتابة صورة رسمية للقراءة، ومن الصورة الفضائية على السطح، قياس الزمن من ظل القامة أمام المدار الشمسي، شمسي وجهة اليابسة، قمري وجهة مدار الفضاء المائي، بإحداث توازن الصورة من الظل، التي تخرج ظليلة على السطح إلى أن تبرز مقبلة كالجنين من البطن .
الصورة من وجه عام :
الصورة من الوجهة الكونية، تستمد وجودها الطبيعي من الكون المتحرك المدار، منها الثابتة السطح، ومنها ذات الفضاء المتحرك كالصورة المتحركة، كان ظهورها الأولي ثابتا، وعهد الاهتمام العلمي بها تطورت من ثابتة إلى متحركة، تجسد حركة الشيء المتحرك .
وهكذا ظهرت في شكل رسوم تعبيرية تهتم بأطراف من الجسم، كاليد المرفوعة للتحية، والعين المجردة للرؤية، والقدم التي تقيس الزمن من الظل الفضائي بالأرضية، ثم بأشكال من الحيوان في الطبيعة، ومظاهر من البيئة، والتضاريس البرية، والمسطحات المائية
وقبل أن تستكمل الصورة وظيفتها الفنية، أخذت أهميتها من القراءة، التي جاءت بالأدب الوصفي الذي ينصب على الأحياء من الطبيعة، ومنها العنصر البشري، من كتابة العقود، والقراءة قبل الصورة من ملامح الشخصية، وتحديد الأوصاف المرئية من قراءة ادبية تعوض العمل الفني الذي يتوقف عليه إتمام العقد .
ومن تلك القراءة الأدبية، للرسوم والعقود الشرعية، كان الفنانون التشكيليون يرسمون صورا يدوية للشخصيات التاريخية من رجال الفكر والأدب والحكم صورا لمحية لأوصاف وجه الشخصية مطابقة لرؤية العين الغير المرئية .
الصورة من عمل فني :
الصورة قبل أن تكون عملا فنيا، ظهرت في شكل ترفيهي مسلي، ثم تطور من انجذاب النفس البشرية، وميولتها نحوه، من الشخصيات التاريخية، إلى عمل فني راق، في شكل منحوتان حظيت بالعناية اللائقة من الأماكن الخاصة والمقدسة .
ومن ثمة أصبح إلى الصورة خاصية فنية، وحرمة من قيمة معنوية ذات رمزية عالية، ظهرت في شكل المادة الطبيعية التي لا تبلى أو يدوسها الزمن فتفنى، إذ اتخذت شكلها الفني والقيمة التحفية من المادة الحجرية، ومنها الرخاميات من عهد الرومان عهد حضارة اليونان .
أو ما يسمى بالأحجار الصماء، الخاصة بالأصنام من المعابد الوثنية، والتي تم إسقاطها من المقامات الدينية من غير قداسة ولا معلقة
وعهد العصر المعدني، ظهرت الصورة بالمتاحف الفنية، في شكل منحوتات نحاسية، وهي غير الصورة المعروضة للعموم من الوسط الحضري بالساحات العامة لتقريب الفن من الساكنة، والمحافظة على طهارة الأماكن الدينية .
وحين ظهور الورق أخذت الصورة مكانها من الكتابة، واعتبرت رسما متضمنا من اللغة، ظهرت يدوية بالأوصاف الحميدة، من الوجه البشري، الذي يعتبر من مأخذ الصورة الجانب الأصعب من وجهة رسمها .
ويوم تطور العمل من شكل فني إلى عمل تقني، عوضت فيه الآلة التقنية يد الانسان المبدع، وتحولت تهيئة الصورة من حرفة يدوية، إلى صناعة آلية بمنهجية تقنية وإبداع آلي، أصبحت الصورة تلتقط بالقرص لقطة تلوى أخرى، تحمل في طياتها حركة، تجري متسلسلة بالنبض والحركة، المنقولة من الصور الثابتة عبر السرعة من الصور اللصيقة، إلى صورة متحركة رديفة بالحركة، من الحبكة الفنية والتدوير الحركي، التي ترقى بها إلى مستوى الصورة الحية الناطقة، تضرب المثل الصوري من الواقع الحي .
والصورة عمل فني وإبداعي، يخبئ مفاتن الفكر البشري، التي ظهرت من خياله في الطبيعة، إلى الجانب المسلي في حياة الانسان، وتطورت من المادة الجامدة، إلى الآلة المبصرة التي انتقلت بها من ثابتة إلى متحركة وناطقة، بالواقع المصور من واقع متحرك، يعطي صورة تسجل حياة الانسان حاضرا، وتوثق للمستقبل زمنا ماضيا جاري بالأثر المأثور، من المجهود العلمي المبذول، الذي وصل إليه الفكر من عقل الانسان، والذي جاء باللغة من علم اللسان، والصورة من علم البيان .
وأخيرا تبقى الصورة ضرب من الظل تطور من الفكر والاستخدام الآلي بالخيال العلمي، الذي يتطور زمانيا، وينتهي زمانيا .
قم بكتابة اول تعليق