بقلم : محمد حسيكي
في الحياة المدنية القفة هي حاوية الغذاء اليومي للأسرة، بالحاضرة يومية، وبالقرية أسبوعية، تحملها أجدادنا أسبوعية، وآباؤنا يومية، وحفدتنا بين كل وجبة وأخرى، لا فرق بين ذكر وأنثى .
وعهد الأجداد طرحت أم من مستوى الجدة، على ابنها الذي يهجر السكن من المدينة، ويعيش بالقرية، لما لا تسكن يا بني بالأبناء المدينة ! فأجابها لا يغلبني يا أماي السكن، وإنما القفة اليومية، من يعيش على رحمة السماء، ليس كمن يعيش على الأجر من العرق اليومي .
الحياة المدنية :
من المدينة انطلقت الأسواق وهي أم الأسواق، من عهد القوافل المتنقلة، إلى عهد الأسواق الرقمية، لا يعتمد ساكنتها على الطبيعة الموسمية، بقدر ما يعتمدون ذكورا وإناثا، على العمل الجاري بالليل والنهار من مجرى الساعة، لمواجهة الحاجيات اليومية نحو الأسرة والتعبئة التواصلية، والشهرية نحو الماء والانارة، والسنوية نحو خزينة الدولة .
لذلك تتطلب الحياة بالمدينة القفة اليومية، وهي من ثلاثة وجبات : الفطور، ويحتاج الذهنيات والمصبرات إلى جانب المبسترات والمنبهات والفطائر الطرية من المعجنات، بينما الغذاء يحتاج إلى القفة اليومية .
القفة اليومية :
هي سلة الغذاء التي يتوجه به الساكنة نحو السوق البلدي، الخاص بالخضر والفواكه واللحوم والأسماك والدواجن، ومتاجر البقالة الغنية بمستلزمات مطبخ البيت، وهو مكان الطهي الأكثر نشاطا وحركية، واستهلاكا للماء والكهربة وغاز الفرن من السكن الأسري .
وهكذا تجري القفة اليومية بالحياة الحضرية، بالتقتير بين الأوقات، كالري بالتنقيط لانتعاش الحياة، رب قفة يد، أخف من شوار أسبوع، أو حقيبة سوق ممتاز .
السوق بين العارض والزبون :
في موجة الغلاء التي يشتكي منها العارض والزبون، تتجند سلطة مراقبة المواد من السوق، لتعلن عن حضورها ومتابعتها للحالة التي تطرح الجدل بين العموم .
وكالعادة توجهت إلى السوق اليومي، بعد الاستشارة مع ربة البيت، فأوصتني أن لا أتجاوز في النفقة مائة درهم، بأن أقتصر على نصف كلغ من أية مادة للخضر، إلى جانب كلغ من السمك، والخبز اليومي .
وخلال التسوق سألت بائع السمك، ما بالك من قلة السلعة اليوم ? فنظر إلى عرضه، وقال : الأسماك موجودة وفي المتناول، أما الأصناف فالزبناء لا يتعدون يوم العطلة الأسبوعية .
وحين تقدمت عند بائع الخضر، أجاب أن الأسعار منها من تراجعت احتراما لتحرك المراقبة بالسوق، ومنها المبسوطة الوجه الملوحة بالسعر المعلن .
وما تقول عن الزبون، رغم التشكي من ارتفاع السعر، الزبناء مقبلون على التسوق، وتنشيط الحركة التجارية، أما الرخاء الذي ينشده الزبون لا يجر على المنتج إلا الكساد .
وفي المجتمعات الاستهلاكية، التي يجري فيها الزمن مجرى الآلة، وجود المادة خير من فقدانها، وسوق يوم، خير من موسم سنة .


قم بكتابة اول تعليق