توكل كرمان في مواجهة القانون الدولي وأخلاقيات مهنة الصحافة

بقلمعبده حقي

باتت الأوساط الإعلامية والقانونية الدولية في الآونة الأخيرة، تتابع بقلقٍ متزايد السلوك الإعلامي المتكرر الذي يصدر عن الصحفية اليمنية توكل كرمان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام لسنة 2011، والذي أصبح يشكل ـ وفق العديد من المراقبين ـ خرقًا واضحًا لروح المواثيق الدولية المنظمة لحرية الصحافة والتعبير. فبدل أن تكون الجائزة التي نالتها رمزًا للسلام والمسؤولية، تحولت في ممارساتها إلى أداة للتشهير والتدخل في الشؤون الداخلية لدولٍ ذات سيادة، وفي مقدمتها المملكة المغربية.

فمنذ انطلاق ما يسمى بحركة احتجاجات جيل Z بالمغرب، ما فتئت توكل كرمان تنشر عبر حساباتها الرقمية على مواقع التواصل الاجتماعي تدوينات وتصريحات تستهدف المغرب ومؤسساته، وتتضمن عبارات تمسّ بوقار المؤسسة الملكية، وتستخفّ بالمكتسبات السياسية والدستورية والتنموية التي راكمها المغرب خلال العقود الأخيرة. وقد تجاوزت هذه التصريحات حدود النقد المهني المشروع إلى مجالات تمسّ السيادة الوطنية وتشجع على الفوضى والتشكيك في شرعية المؤسسات، وهو ما يعدّ انتهاكًا صريحًا للمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنصّ بوضوح على أن حرية التعبير لا يجوز أن تُستخدم للإضرار بسمعة الدول أو تهديد أمنها واستقرارها.

وتشير مصادر إعلامية مستقلة إلى أن الصحفية المذكورة تتلقى دعمًا ماديًا وإعلاميًا من جهات سياسية وإيديولوجية معروفة بمواقفها العدائية تجاه استقرار المغرب ووحدته الترابية، مستغلة موقعها كحاملة لجائزة نوبل لتسويق خطاب تحريضي موجه ضد الدولة المغربية ومؤسساتها الدستورية. إن هذا السلوك يتنافى مع أبسط قواعد المهنية الصحفية وأخلاقيات المهنة كما نصت عليها مواثيق الاتحاد الدولي للصحفيين ومنظمة مراسلون بلا حدود، اللذين يؤكدان أن الصحفي مطالب بالتحلي بالنزاهة واحترام القيم الوطنية والثقافية للدول، والامتناع عن استغلال المنابر الإعلامية للتحريض أو المساس بكرامة الشعوب ومؤسساتها.

إن ما تقوم به المدعوة توكل كرمان يدخل في إطار الانتهاك الممنهج لمبادئ المسؤولية الإعلامية، ويشكل سلوكًا غير مقبول من شخصية يفترض فيها أن تكون صوتًا للسلام والتقارب بين الشعوب لا صوتا للتحريض والإساءة. ومن هذا المنطلق، نوجّه هذا المقال كدعوة صريحة إلى جميع المنظمات الصحفية والحقوقية الدولية، وعلى رأسها منظمة مراسلون بلا حدود (RSF) والاتحاد الدولي للصحفيين (IFJ) ولجنة جائزة نوبل للسلام، بضرورة فتح تحقيق رسمي في هذه التجاوزات الإعلامية المتكررة التي تستهدف المغرب ومؤسساته. كما ندعو إلى مراجعة عضوية الصحفية المذكورة في هذه المنظمات نظراً لتعارض سلوكها الإعلامي مع القيم التي تقوم عليها تلك الهيئات، والتي تقوم أساسًا على احترام سيادة الدول ونزاهة الممارسة الإعلامية.

وإلى جانب ذلك، يؤكد هذا المقال أن النقد المهني المشروع لا يمكن أن يتحول إلى وسيلة للتحريض أو الإهانة أو التشهير، وأن من واجب المجتمع الدولي حماية حرية التعبير من الانزلاق نحو استخدام المنابر الإعلامية كأدوات ضغط سياسي أو حملات موجهة ضد دول بعينها. فحرية التعبير ـ كما نصت عليها المواثيق الدولية ـ تظل حقًا مقرونًا بالمسؤولية، وليست ذريعة لتهديد السلم الداخلي للدول الآمنة أو التلاعب بالرأي العام خدمة لأجندات مشبوهة.

إن احترام المؤسسة الملكية في المغرب ليس مسألة رمزية فحسب، بل هو ركيزة من ركائز النظام الدستوري وضمانة لاستمرارية الدولة ووحدتها الشاملة. وكل مساسٍ بها يُعدّ مساسًا باستقرار بلدٍ أمازيغي عربي أثبت في السنوات الأخيرة قدرته على أن يكون نموذجًا في التنمية والاستقرار في المنطقة المغاربية والإفريقية. ومن هنا فإن أي خطاب إعلامي يستخفّ بهذه الثوابت لا يمكن اعتباره تعبيرًا حرًّا، بل تهديدًا ضمنيًا لمصالح دولة عضو بالأمم المتحدة وفاعلة في مختلف تشكيلات المنظومة الدولية.

وفي ختام هذا المقال نؤكد تمسكنا الشديد بالدفاع عن حرية الإعلام المسؤولة، وعن الحق المشروع في النقد البناء، وفي الوقت نفسه ندين بشدة كل محاولة لتسييس الصحافة أو تحويلها إلى وسيلة لإهانة الدول أو رموزها الدستورية ووحل دنيئا للاسترزاق المكشوف. كما ندعو الأصوات الحرة في العالم إلى الوقوف ضد هذا النوع من الخطاب العدائي، والعمل على ترسيخ مبادئ الاحترام المتبادل بين الشعوب، وحماية صورة الصحافة من التوظيف الإيديولوجي والسياسي الذي يسيء إلى رسالتها النبيلة.