الخميس, 6 نوفمبر, 2025 – لندن – و م ع :
شكلت الشراكة بين المملكة المغربية والمملكة المتحدة، غداة اعتماد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للقرار التاريخي رقم 2797 بشأن الصحراء المغربية، محور نقاشات معمقة خلال لقاء رفيع المستوى نظم، اليوم الخميس، في لندن.
وشهد هذا اللقاء، الذي نظم بشكل مشترك بين سفارة المغرب في لندن و”جمعية الشرق الأوسط” المرموقة، بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة، مشاركة ممثلين عن الحكومة البريطانية وأعضاء من مجلس اللوردات والبرلمان وسفراء بلدان شقيقة وصديقة ودبلوماسيين وأكاديميين وباحثين من مراكز تفكير.
وفي كلمة له بالمناسبة، أكد سفير المغرب لدى المملكة المتحدة، حكيم حجوي، أن الاحتفال بهذه الذكرى يجسد “تعبيرا حيا عن وحدة وهوية وروح الأمة المغربية”، مشيرا إلى أنه بعد خمسين عاما على المسيرة الخضراء، استطاع المغرب، تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أن “يستثمر بشكل مكثف في أقاليمه الجنوبية، محولا صحراءه إلى أرض للفرص وقطب للتجارة والطاقة والصناعات الخضراء، بما يضمن مستقبلا أفضل لسكانها”.
وسلط السيد حجوي الضوء، في هذا السياق، على أهمية القرار 2797 الذي اعتمده مجلس الأمن مؤخرا، معتبرا أن هذا النجاح يؤكد أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يمثل المسار الواقعي الوحيد لتحقيق سلام دائم، وأساس التسوية النهائية لقضية الصحراء.
وأضاف أنه “لأول مرة منذ خمسين عاما يمكننا أن نلمس آفاقا ملموسة لحل نهائي”، مذكرا بالخطاب التاريخي الذي وجهه جلالة الملك إلى الأمة عقب اعتماد القرار، والذي أكد فيه جلالته أن “هناك ما قبل 31 أكتوبر 2025، وهناك ما بعده”.
كما ذكر الدبلوماسي بإعلان جلالة الملك يوم 31 أكتوبر عيدا وطنيا تحت إسم “عيد الوحدة”، معتبرا أن هذا الحدث لا يشكل لحظة مفصلية في التاريخ الحديث للمغرب فحسب، بل أيضا محطة مهمة في مسار العلاقات الثنائية العريقة بين المغرب والمملكة المتحدة.
وأشار في هذا السياق إلى أن العلاقات الثنائية شهدت منعطفا حاسما في فاتح يونيو الماضي، حين دشنت المملكتان مرحلة جديدة من شراكتهما الاستراتيجية المتميزة، التي تروم تعزيز التعاون الدبلوماسي والاقتصادي بالاستفادة من موقع المغرب كجسر استراتيجي بين الشرق الأوسط وإفريقيا والفضاء الأطلسي.
وأكد أن هذه المرحلة الجديدة من العلاقات الثنائية تزخر بإمكانات هائلة لفتح آفاق واسعة للتعاون في مجالات متعددة، من بينها الأمن والدفاع، بالنظر إلى الدور الريادي الذي يضطلع به المغرب في مكافحة الإرهاب والتطرف والهجرة غير الشرعية.
وفي الجانب التجاري والاستثماري، أبرز السفير أن المملكة المتحدة يمكنها أن تواكب وتستفيد من البرامج الاستثمارية الكبرى التي يباشرها المغرب في مجالات الماء والطاقة والنقل، فضلا عن الفرص الواعدة التي تتيحها الاستعدادات الجارية لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال.
وتحت شعار “المغرب والمملكة المتحدة: تدشين عهد جديد من الشراكة”، تعاقبت مداخلات شخصيات بريطانية بارزة، من بينها وزراء وسفراء سابقون مثل اللورد دانييل هانان، والسير ليام فوكس، والنائب توبياس إلوود، ومايك وود، ونيكولاس هوبتون، لاستعراض مختلف أوجه التعاون المغربي البريطاني في هذه المرحلة الواعدة.
وأكد المتدخلون أن تخليد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء يشكل احتفاء بملحمة وحدة مكنت المغرب من استرجاع أقاليمه الجنوبية، وأبرزوا في هذا الصدد روابط البيعة التاريخية التي جمعت دوما العرش بالقبائل الصحراوية.
وأوضحوا أن الأقاليم الجنوبية شهدت منذ استرجاعها إلى كنف الوطن الأم مسارا تنمويا غير مسبوق شمل جميع المجالات، مبرزين أهمية النموذج التنموي الجديد الذي جرى إطلاقه تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس.
كما أشاد المتدخلون البريطانيون باعتماد مجلس الأمن للقرار 2797 بشأن الصحراء المغربية، باعتباره تجسيدا لبُعد النظر الذي تتميز به الدبلوماسية المتبصرة والصبورة التي يقودها جلالة الملك.
وبخصوص العلاقات المغربية-البريطانية، شدد المشاركون على ضرورة إدراك مجتمع الأعمال البريطاني للدينامية التنموية التي يعرفها المغرب تحت قيادة جلالة الملك، بما يتيح لهم استيعاب الإمكانيات الاستثمارية الكبيرة التي تتيحها المملكة في قطاعات ذات قيمة مضافة عالية، مثل الطيران والطاقة النظيفة والبنيات التحتية والفلاحة والسياحة.
كما تم التذكير بدور المغرب كمنصة رئيسية للولوج إلى القارة الإفريقية، بفضل مستوى التنمية الذي بلغه واستقراره وانفتاحه وشبكة شراكاته المتنوعة مع كبريات الاقتصادات العالمية.
وخلال هذا اللقاء، وجه المشاركون نداء إلى القطاع الخاص البريطاني لاستكشاف هذه الفرص وتعزيز الشراكات مع نظيره المغربي، قبل أن يُعرض شريط مؤسساتي يوثق لملحمة المسيرة الخضراء ويسلط الضوء على المشاريع الكبرى التي غيرت وجه الأقاليم الجنوبية، التي أضحت اليوم منصة حقيقية نحو الفضاء الأطلسي الواعد وإفريقيا.

