هل وصل العداء الجزائري للمغاربة مرحلة الشر المطلق؟

بقلم : يونس التايب 

لامفر من تسجيل أن ما يصدر عن دولة الجوار الشرقي، بمؤسساتها الرسمية وإعلامها وأحزابها ونخبها ومثقفيها وجماهيرها، خاصة منها تلك التي تتفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يؤكد بالملموس أننا أصبحنا كمغاربة مهددين بالشر المطلق في وجودنا، من طرف قوم يجسدون الآية الكريمة : “كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً”. (صدق الله العظيم). 

كيف لا نعتقد ذلك ونحن نرى بشاعة الخطاب الذي اتفق على اعتماده، بإجماع غريب، كل المشاركين في الحوارات التي بثت على قنوات التلفزيون والإذاعات، وفي مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية الإخبارية الرسمية و الخاصة في الجزائر، تفاعلا مع موضوع “اعتقال قميص لاعبي فريق نهضة بركان”، حيث حمل الكلام عباراة عدوانية وحسا تحريضيا استفزازيا غير مسبوق. 

هذه حقيقة مؤسفة، تلزمنا بالانتباه إلى أننا دخلنا مرحلة متقدمة من العداء للمغرب والمغاربة، تجاوز فيها المتربصون ببلادنا كل الخطوط الحمراء، و لم يعودوا يستحيون في إبداء البغضاء و ما تخفي قلوبهم وصدورهم أكبر وأخطر. ويجب أن نعي أننا صرنا في قلب دائرة الاستهداف بسوء مطلق يريده بنا جيراننا، رغم حرصهم على المراوغة عبر محاولة الفصل غير الصحيح بين “الشعب المغربي” و بين “الدولة/المخزن المغربي”، وترديد الكذب الصريح الذي تحمله عبارة “المغاربة خاوتنا …!!!!” التي لا تعني أي شيء بالملموس. 

للأسف، جيراننا يقولون لنا بوضوح غير مسبوق : “المغاربة خاوتنا … لكن، بشرط أن يقبلوا بأن نقتطع نصف ترابهم الوطني الذي تشكله الصحراء المغربية، لجعلها مجالا سياديا جزائريا …!!!”، أو يطلبون منا أن نخون وطننا و نعادي دولتنا لنكون “خاوتهم”. و إلا كيف نفهم أنهم أقاموا الدنيا ولم يقعدوها بسبب صورة خريطة المملكة المغربية على قميص فريق رياضي، واعتبار ذلك “مس بالسيادة الوطنية الجزائرية”؟؟؟ هل في امتلاك المغرب لصحرائه ما يمس “السيادة الجزائرية” في شيء ؟؟ كيف يمكن ذلك ؟؟ و على أي أساس أو منطق ؟؟

في اعتقادي، بكل موضوعية واتزان وضبط للنفس، المغاربة يوجدون أمام واقع يستدعي وقفة جادة لاستيعاب تجليات العداء الوجودي والكراهية الاستراتيجية التي ترعاها مؤسسات نظام الحكم في الجزائر، والتي تتجلى في حقد أعمى على كل ما هو مغربي، في ظل حالة غباء حضاري أنتجتها سياسة الكذب المستمر في كل شيء، منذ 1962. 

على هذا الأساس، مسؤوليتنا الوطنية تقتضي تعبئة ذواتنا وتكثيف التفافنا حول ثوابت الأمة المغربية، و تقوية قدرات دولتنا، وتعزيز تضامن مجتمعنا، وتحصين جبهتنا الداخلية، ونشر الوعي بأهمية إنجاح مشروعنا التنموي الوطني، باعتبار ذلك هو السبيل الاستراتيجي الوحيد لإبطال ما يروجه “السحرة الجدد” من مؤامرات و من مكائد، و ما تحمله قلوبهم من ضغينة تتأسس على كفر صريح بالتاريخ والجغرافيا، وتنكر لاأخلاقي لكل القيم التي حسبناها لسنوات طويلة، أساس “العلاقات الأخوية” بين شعبين شقيقين جمعهم تاريخ مشترك. 

بكل صدق، أتمنى أن يحمل المستقبل القريب ما يفرض علي تغيير هذه القناعة التي أكتبها بقلب حزين يعتصره الألم لما آلت إليه الأوضاع في سيرورة العلاقة بين دول و شعوب المنطقة المغاربية، وما قد يحمله المستقبل من جرائم مقيتة، يريد البعض ارتكابها في حقنا و في حق الشعب الجزائري، إذا لم يصحو نظام الحكم و الكراهية في جوارنا الشرقي، من هوسه المرضي الذي لن يعود عليه بالنفع، لا اليوم و لا غدا، ما دام المغاربة هنا يحيون بشعار الله الوطن الملك في منتدى السؤدد وحماه. 

قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


11 − 10 =