بقلم : محمد حسيكي
اللغة أولها منطق لسان الفرد المتكلم، الذي يكتسبه بالمشافهة عن طريق التربية السمعية من حضن الأمومة بالبيت، يعرفها مختصرة بالسمع من المهد، وتامة بالنطق من التقدم في السن .
ومن الوجهة العلمية هي التربية من مهد الطفولة على القراءة والكتابة ، بالتعليم النظامي من الوسط الاجتماعي .
ومن ثمة فاللغة لسان المتكلم الناطق، بالحواس الجسمية والنفسية، التي تشغل ذاكرة الفطنة العقلية بالمعرفة الحسية، من الوسط البشري والمحيط البيئي، وعند القراءة هي قواعد علمية تقيدها الكتابة بالخط من حروف لغة القلم .
واللغة من عهد ظهورها، تحول علمي من العقل البشري في لفظ الكلام، من لهجة اللسان إلى علم القلم بالكتابة ، وممارستها علما وعملا من قواعد منهجية، تضبط تعبير المتكلم والمخاطب من أزمنة الماضي والحاضر والمستقبل .
ومن منحى اللسان نحو اللغة، يجري النطق بالكلام من الحلق إلى الخيشوم مصفاة الصوت نحو اللسان الناطق من الشفتين للإنسان المتكلم، أو بحركة الإشارة نحو الدماغ لغير المتكلم، وتعرف اللغة مبدئيا بالكتابة والقراءة، ونهائيا بالإشارة .
وقد تم التأسيس إلى اللغة بالحروف الصوتية، وهي لسان المتكلم، ومن تركيبها حروفا تتركب الكلمة، ومن ربط الكلمات فيما بينها تتكون الجملة التعبيرية، التي تفيد بالكلمة واسم الجملة تمام المعنى .
واللغة من علمها وتعلمها، قومت نطق اللسان، وحولت حياة الانسان من الطليق بالطبيعة، إلى حياة الاحتضان بالمجتمع، ومن كائن ناطق إلى إنسان عاقل، يعيش الحياة بالمنطق والعقل، على ديمومة القراءة والكتابة .
الكتابة :
الكتابة أساس اللغة، ومنطقها القراءة، وهما من اللغة، كالشفتين الناطقتين من اللسان، وإن تنصب كتابة اللغة على الحروف والكلمات التامة بالجمل المفيدة .
فإن للحروف أوضاعا مختلفة الكتابة من الكلمة، إذ لكل حرف شكل من الكتابة من موضعه بالكلمة .
والكتابة منها اليدوية التي ظهرت بظهور اللغة، ومنها الآلية التي ظهرت بظهور الآلة :
الكتابة اليدوية :
ترتبط الكتابة باللغة، التي تطور بها العقل البشري من لسان المتكلم الناطق، إلى لسان الانسان العاقل، ويغلب على الكتابة من اللغة ممارستها باليد اليمنى للفرد، ومن تعسرت على يمناه، تيسرت على يسراه، إذ اللغة منها من تكتب من ذات اليمين، ومنها من يكتب على ذات الشمال .
ولا يجري ذلك على لغة بعينها، بل على اللغات من اختلاف طرق كتابتها ونطق ألسنتها، والتي وإن تختلف من شكليات الكتابة، فإنها تتقارب من قواعد تركيبتها اللغوية .
الكتابة الآلية :
حين تطورت الكتابة اللغوية من عمل فردي، يجري من خط اليد الواحدة بالقلم، إلى آلية عمل يدوية تجري بالنقر، على الحروف الآلية باليدين معا، ارتفع مردود الكتابة من يد الفرد، إلى آلة المجتمع، وانتقل الاقبال على القراءة من خيار الفرد، إلى عموم المجتمع
وهذا التطور في الكتابة، رفع من شأن اللغة وعمم نشرها، وما لحق نشأتها بالانتقال من الخط اليدوي، إلى النقر الآلي، والانتقال باللغة من اللسان الناطق، إلى عقل الانسان المتكلم .
والكتابة اللغوية من وجه عام تجري على طريقتين :
اللغة المرئية :
وهي اللغة الأصل من حيث الكتابة والقراءة، وتتكون إفرادا من خط حروف الصوت، الملفوظ النطق بالكلمات، التي تتركب منها الجمل الدالة المعنى والمفيدة المبنى، .وتعرف باللغة المرئية رؤية العين من الكتابة والقراءة .
اللغة اللمسية :
هي لغة خاصة بالمكفوفين، الذين تطور تعليمهم من القراءة السمعية باللسان الشفوي، إلى الكتابة بالمثقب من اللوح المعدني على الورق، وقراءة باللمس، وتسمى اللغة الخاصة بهذه الفئة الاجتماعية، لغة برائل، وهي أول لغة آلية في تاريخ العلوم اللسانية .
وقد ساهمت كتابة برائل في تقريب العلم من يد الانسان الكفيف، وفي الانتقال بالقراءة من التحصيل بالسماع، إلى الكتابة باليد .
لغة الاشارة :
هي لغة لمحية لغير المتكلم باللسان مع المخاطب، خاصة بالأشخاص البكم الغير الناطقين لفظا، والذين يجري التخاطب معهم معنى، وظهرت لغة الاشارة في المجال الاعلامي، من عهد القنوات الفضائية، وعبر المباشر من الهواتف الذكية، وتعتمد لغة الاشارة على الحركة اليدوية، والملامح الشخصية، الدالة دلالة الكلام، الذي يخاطب العقل الباطن في الانسان الغير المتكلم .
وهكذا صارت اللغة الجارية بالمحيط المعرفي من الحياة البشرية، على ثلاثة أقسام، لغة عامة من الكتابة والقراءة، ولغة خاصة بالكفيف تلامس العلم بالعقل، ولغة الاشارة التواصلية لرفع الابهام المعرفي عن الأبكم .
قم بكتابة اول تعليق