
بقلم : محمد حسيكي
الدراسة هي نهج تربوي، يعتمد من العنصر البشري على عقلنة الانسان، بالتحصيل العلمي من مهد الحياة، إلى أن يصل إلى مرحلة الانتاج من التحصيل، وهو ما يحافظ على صيرورة العلم الجاري بين الأجيال، وديمومة تطوره من العقل البشري، والنزوع بالإنسان من حياة الصراع، إلى التعايش بسلام اجتماعيا ودوليا، مما ينعكس إيجابا على الحياة البشرية، بالانتقال في العمل والخدمات العامة من المجهود العضلي، إلى المجهود الآلي الذي يحتاج تدبيره الذكي، إلى العقل السليم من الانسان السليم .
والدراسة من الوجهة العامة، منها ما يعود إلى العهد الديني، والأخيرة تعود إلى العهد الاجتماعي .
الدراسة من العهد الديني :
العهد الديني هو الزمن الفاصل، بين حياة الفطرة، وحياة العقل التي جاء بها الدين، والذي اعتمد على إخراج المعرفة من غور العزلة الدينية، إلى نشرها بالفضاء البشري العام، كما في تعليم القرآن، من مهد الصبا، إلى المعارف اللغوية وأحكام الشرع، وأخلاقيات الدين .
ومن أجل ذلك وضعت أماكن العبادة أماكن لتعلم القراءة، والتي أشرف عليها رسول الاسلام محمد صلى الله عليه وسلم، بمكة المكرمة، والمدينة المنورة .
ومن حب المسلمين لدينهم وطلبهم الملح للعلم، أسسوا من سكنهم الجماعي، جامع عبادة للبالغين، وجعلوا منه محل تعلم القراءة والكتابة، التي جعل منها الدين أساسية الحياة الاسلامية .
ومن جوامع أم القرى، ينطلق السفرة للرفع من مستوى القراءة، والانخراط في المنظومة اللغوية، والقواعد الحسابية، إلى التخصص في المعارف العلمية .
وحين يرتفع مستوى الطالب العلمي، إلى مسلك البعثة العلمية، ينخرط في فوج البعثات الثقافية، التي يجري العمل بها بين بلدان العصر من مشارق الارض ومغاربها .
واشتهر من الجامعات الاسلامية، التي تعرف بالكراسي العلمية : جامعة القرويين، وجامع الزيتونة، وجامع الأزهر الشريف، ومن المدارس اسم الكوفة، والبصرة، واشتهر من ضروب اللغة عند النحويين زيد وعمرو، ومن خطوط الكتابة الخط المكي .
كما اشتهرت الدراسات العتيقة بالموسمية، من سوق عكاظ بالمشرق، ومن موسم سلطان الطلبة بالمغرب، وأمير الشعراء بمصر
والدراسة من العهد الديني تنسب إلى العصر الزراعي، وتمول من أملاك الحبس، الموقوفة المنفعة على الأماكن الدينية والعلمية .
الدراسة من العهد الاجتماعي :
العهد الاجتماعي هو عهد التعاون الدولي عبر الحدود الوطنية، التي تسمح وتتعاون مع أي بلد، من أجل نشر العلم عن طريق التعليم الذي هو ركيزة التقدم والتطور المعرفي، الذي يخدم الحياة الدولية دون تمييز من الدين ومن العنصر البشري، فضلا عن تقارب المناهج التعليمية بالرغم من اختلاق اللغات والمعتقدات، مما يسمح بوحدة المعارف العلمية، عن طريق التعاون والتكامل وفك العزلة عن حياة المجموعة الدولية .
وقد ظهرت الدراسة من بداية الكيان الاجتماعي، في شكل تعليم عمومي تموله الدولة، وبعد التطور المادي في الحياة الاجتماعية العامة، ظهر التعليم الخصوصي، الذي يختلف ماديا عن التعليم العمومي ويتفق معه منهجيا .
والدراسة العمومية بالمغرب، تتدرج عبر المدرسة، والاعدادية، ثم الثانوية، بينما بالتعليم العالي والجامعي هناك المدارس العليا، والمعاهد المتخصصة، ومراكز التكوين، والكليات المختصة بالمنظومة الجامعية .
وأول الجامعات المغربية بالعهد الاجتماعي، جامعة محمد الخامس بالرباط، وجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وجامعة محمد السادس بابن جرير، فضلا جامعات القرويين بفاس، وسيدي محمد بن عبدالله، والقاضي عياض، وابن طفيل، والمولى إسماعيل، ومولاي اسليمان، إلى غير ذلك من الجامعات التي تكتسي طابعا جهويا .
والجامعات المغربية تحظى بالاعتراف الدولي، وتشجع الابتكار والابداع العلمي، ولها مكانتها من التصنيف الجامعي الدولي .
ومن الموسمية بالعهد الاجتماعي، تنطلق الدراسة من فصل الخريف، والشتاء، والربيع، بينما الصيف فصل الامتحان الذي يعز فيه المرء أو يهان .
قم بكتابة اول تعليق